انعقد في الفاتح من مارس 2013 الجمع العام لتجديد مكتب فرع اتحاد كتاب المغرب بمراكش، بالمديرية الجهوية للثقافة. وأسفرت العملية على النتائج التالية: إسماعيل ازويريق: الكاتب العام لفرع اتحاد كتاب المغرب بمراكش، محمد آيت لعميم: نائب الكاتب العام، رشيد منسـوم: أمين المال، أحمد اللويزي: مستشار مكلف بالإعلام والتواصل، عبد الغفار سويريجي: مستشار مكلف بالأنشطة الثقافية. تم ذلك تحت الإشراف المباشر لمبعوث المكتب التنفيذي الخاص السيد عبد المجيد شكير.
التقى المنتخبون الجدد تلك الليلة في مقهى مجاور لبيت الكاتب العام الجديد واحتفلوا بالمناسبة. وأغلقوا ملف سوء تدبير واستفراد المسئول السابق. وأكدوا نواياهم الحسنة في العمل المشترك والتعاون، والسير قدما. تبادل المحتفلون مجاملات واقتراحات يمكن أن تنهض بثقافة مراكش، وتجبر الصدع. كان اللقاء حقا خارطة طريق. تحدث الكاتب العام الجديد ممازحا بخصوص دوري كمستشار مكلف بالأنشطة الثقافية فقال: "كلنا جميعا مكلفون!.. ماذا نصنع نحن!"... تحدث محمد آيت لعميم آنها عن نشاط مهم حول "الرواية العربية"، فقلت: "إن النشاط مهم فعلا ولا بد مناقشة سبل تحققه في إطار اجتماع للمكتب يخصص للموضوع، ويسعى لإنجاحه. نستطيع عبر التنسيق أن نجعل من مكتب فرع اتحاد كتاب المغرب بمراكش نموذجا مغربيا للفعل الثقافي".
بعد اجتماع السقيفة بدأت الاتصالات بالكاتب العام بغية عقد اجتماع رسمي وتداول الأمور ووضع برنامج. كان الكاتب العام، حينها، يخبرنا أنه بصدد انجاز الوثائق القانونية للفرع أو في سفر ثقافي.. دامت مرحلة إعداد الوثائق والحساب البنكي شهورا عدة... وأخيرا تلفن الكاتب العام لجميع أعضاء المكتب، وعقد الاجتماع بعد يومين. لم أستطع حضوره لأسباب خاصة. اقترح الحاضرون برنامجاً ثقافياً زاهياً...
طلب الكاتب العام من كل الأعضاء الحضور للمقهى كي يتسلموا "بطاقة الفرع". تسلمت بطاقتي فوجدتها تحمل صفة "مستشار"، بدل صفة "مستشار مكلف بالأنشطة الثقافية"، كما أتبث في محضر اجتماع تجديد المكتب. أعفتني البطاقة ببساطة من مهامي ودوري في الفرع كمكلف بالأنشطة الثقافية. تداولت الأمر مع المكلف بالإعلام والتواصل وأخبرني بدوره انه هو أيضا قد سقطت عنه صفته "سهوا"هو أيضا في البطاقة، ولم تؤكد طبيعة صفة "المستشار". أصبحنا من وقتها مستشارين لا تتم استشارتهما. لقب الكاتب العام نفسه في بطاقة الفرع ب: "رئيس الفرع"... وانسحب كل منا لقضاء حوائجه.
حافظ "رئيس الفرع"رغم ذلك على تواصله مع الجميع: هاتفنا وأخبرنا أنه قد نظم نشاطا ثقافيا طارئا بمناسبة اليوم العالمي للشعر بشراكة مع جهة لا أذكر اسمها. قلت: "اللهم يسر". ثم أضفت: إن تنظيم أي نشاط (ولو كان طارئا) باسم الفرع يجب أن يناقش في إطار اجتماع كما اتفق وليس عبر الهاتف.. كيف يمكن إعداد نشاط ثقافي حقيقي في يوم أو حتى في أسبوع... لا يمكن تنظيم الأنشطة بشكل عشوائي. لم أرد أن أضع العصا في عجلة الدراجة. أخذ أمين المال السماعة فأضاف: "يعقد اللقاء في دار الجمعيات القريب جدا من بيتك". علقت: "لا أجد مشكلا في مكان انعقاد اللقاءات لكن المشكل هو أن نخبر في اللحظة الأخيرة وعبر الهاتف.".. أي أخرق هذا صنع الهاتف!
أشعرني "رئيس الفرع"في الأسبوع الثالث من أبريل 2013 أنهم قد اتفقوا –لا أعرف من اتفق مع من- على أن أكون مسئولا عن رواق الفرع بالمعرض الجهوي للكتاب. أجبته: "لا أستطيع، سأكون مسئولا عن رواق دار نشر كراس المتوحد، يمكن لأي شخص أن يحرس كتب الفرع وما إليه"... واتفقنا على أن نلتقي في اليوم الموالي بمندوبية وزارة الثقافة. أطلعني في بهو المندوبية، وفي لمح البصر، على ورقة تتضمن عناوين البرنامج الثقافي. تحدثنا خلال ربع ساعة عن البرنامج واقترحت بدوري عنوانا أو عنوانين. وصعدنا أدراج المندوبية بحثا عن المسئول.
لم يخضع تنظيم أنشطة الفرع من حينها لضوابط، وأضحى مفتوحا على عواهنه: تنسيق أحادي أو ثنائي. ينسق "رئيس الفرع"مع الداعم ثم يشعر الأعضاء بالأمر الواقع وكأنهم طراطير. أضحت سياسة اعمل كيف، وكما شئت، نهجا للعمل. لم توضع منذ البدء للعمل قواعد. هكذا تحولت علاقة الكتاب داخل الاتحاد تدريجيا وكأنها علاقة رئيس بمرؤوس.
في 26 مارس 2014 اخبرني رئيس الفرع أن لديه ارتباطات في 29 من ذات الشهر ويرغب أن أنوب عن الفرع في اجتماع المكتب الإداري لاتحاد كتاب المغرب بالرباط. وافقت دون تردد. كانت مناسبة لأطلع على بعض ما يجري داخل الاتحاد العتيد! زودني "رئيس الفرع"بالحصيلة: 20 نشاطا منها ما هو محلي ومنها الوطني والعربي والدولي، والإمكانات في درجة الصفر.
انتشر في الممرات المؤدية إلى قاعة الاجتماع داخل نادي القضاة رؤساء الفروع والنواب والمكتب التنفيذي، تحيط الخضرة بالممرات من كل جانب، رغم ذلك كان الجميع يشكو غياب الدعم، وبدأ الاجتماع. تحفظ فرع اتحاد كتاب المغرب بمراكش على المصادقة على مشروع البرنامج الثقافي والمقترحات المرتبطة به لأنه ببساطة يقصي مدينة مراكش. اقترحت باسم الفرع أن يتضمن البرنامج الثقافي للاتحاد نشاطين أساسين: - "مهرجان الرواية العربية"المقترح من طرف عضوي الفرع د محمد ايت لعميم وكاتب هذه السطور. وكذا لقاء: "هانس فيرنر غيردتس في مراكش". تبنى المكتب التنفيذي المشروعين وضمهما للبرنامج الثقافي للاتحاد. لكن الكتب إياه لم يلتزم، منذ ذلك الاجتماع، بالتنسيق مع الفرع في موضوع النشاطين الذين يدخلان ضمن إطار التظاهرات الكبرى التي يعتزم الفرع تنظيمهما كما ينص الميثاق التواصلي بين المكتب التنفيذي وفروع اتحاد كتاب المغرب.. وانتقل النقاش لمشروع القانون الداخلي للاتحاد: تضمن المشروع بندا خطيرا يصادر حرية التعبير والرأي، ويسهل من جهة أخرى دينامية التدجين. ورد في الفصل الثامن من مشروع القانون ضمن باب العضوية ما يلي: "يتخذ المكتب التنفيذي للاتحاد قرار إلغاء العضوية باتحاد كتاب المغرب أو تجميدها في حق كل عضو منخرط إذا: قام بالافتراء والتشهير والقذف في حق الاتحاد، وبالمس بكرامة أعضاء الاتحاد أو مسؤوليه أو أجهزته المنتخبة قانونيا، عبر أي وسيلة كانت."يكشف البند خوف المشرع من السخرية والنقد. لا مكان للأدب الساخر! تحمل السخرية في طياتها أحيانا بعض معاني القذف. أبعد الله عنا شر الاستبداد.. تحدثت ليلى الشافعي فانشرح صدري: طالبت بتشطيب البند إياه من مشروع القانون الداخلي... كان اجتماعا ماراطونيا، كان رئيس الجلسة على موعد آخر ذات اليوم على الساعة الثالثة... وفي خلال ذلك تابع الحضور وصلة ترفيهية لأديب فكاهي.. صادق الجميع وتحفظ من تحفظ.. نتضور جوعا... لا وقت لفهم كل البنود ؟
اتصل رئيس الفرع مشكورا بتاريخ 27 سبتمبر 2014 يسألني أن أعطيه عنوانا لكتاب من تأليفي، فثمة جهة ستدعم طباعة كتب أعضاء الفرع. "هذا حديث يستلزم اجتماعا للتداول ومعرفة الحيثيات. ثار غضب "الرئيس"حين سمع كلمة اجتماع. قال: اعطني العنوان وكفى! أجبت: "سوف أجمد عضويتي وبيننا الجرائد"... أعدت الاتصال به بعد دقائق أعتذر عن كلامي، نختلف لكننا أصدقاء...
أتساءل: هل يعقل هذا؟ جمعية ثقافية غير ربحية تطبع كتبا وتبيعها؟ ألا يعتبر النشر في القانون المغربي تجارة؟ أدفع للدولة ضرائب عن عمل النشر. هل يحق للجمعية غير الربحية أن تمارس نشاطا تجاريا؟ تلك مجرد أسئلة... من هي الجهة التي ستدعم طباعة كتب أعضاء الفرع؟ أوضح لي صديق فيما بعد "أن طلبات قد قدمت بالفعل للمجلس الجماعي".. هل يقبل الكتاب دعم من زين شوارع المدينة بصناديق قمامة؟ هل نفذ السياسيون مشروع جلالة الملك "مراكش الحاضرة المتجددة"؟.
والتأم شمل المكتب العتيد من جديد في بدايات شهر ديسمبر 2014. زف "رئيس الفرع"إلى أعضاء مكتب مراكش وآسفي المجتمعين في المقهى خبرا سعيدا: "أصبح منذ الآن لفرعنا مقرا.".. ثم وقف الجميع إجلالا لمن وهب للاتحاد مقرا. وبارك بعضنا لبعضنا على نغمات شرائح البيتزا والعصائر.. كان اللقاء حول "علبة الأسماء"حقا ناجحا (4/12/2014)... لكن أمل جمهور الاتحاد قد خاب في اليوم الموالي (05/12/2014). لم يفلح الفريق التونسي في كسب ثقة الجمهور: "يا للرداءة، يا للرداءة!"هتف الجميع. سألت الصديق كيف وأين؟ أجاب: "ألم تسمع بمبدأ التنسيق بين المركز والأطراف!". في التأني السلامة وفي العجلة الندامة. نظم الفرع، في وقت قياسي، ما يناهز خمسين نشاطا، صورت أصداؤها وسجلت أطوارها في السجل، اللهم لا حسد، وهلم إشعاع!
أعلن في اجتماع المجلس الإداري (خلال الدورة الأولى 2014) عن استقالة نائب الكاتب العام المكلف بالإعلام والنشر، من المكتب التنفيذي، واستقال في فبراير الفائت (2015) عبد الرحيم الخصار الكاتب العام لفرع الاتحاد بآسفي ونائبه كمال أخلاقي.. وحدث الانسحاب.. انسحب نائب رئيس اتحاد كتاب المغرب عبد الدين حمروش.. وصدر البيان الأول ويد الكتاب على الزناد. وانضم ثلاثة أعضاء من مكتب فرع الاتحاد بمراكش (محمد آيت لعميم ورشيد منسوم وكاتب هذه السطور، يتشكل المكتب من خمسة أعضاء) لصفوف الحركة التصحيحية، التي تأسست بعد قرار الانسحاب.
تتشدد الحركة في الدفاع عن أهداف الاتحاد ومبادئه، وتساهم طبعا "في خلق ثقافة وطنية، وترسيخ قيم التحديث والحرية والتنوير والتعددية". وبدأ الربيع الثقافي المغربي، وانطلقت ثورة الإصلاح في إطار المسؤولية الثقافية التاريخية. تنادي الحركة بعقد مؤتمر استثنائي للاتحاد تطرح فيه القضايا الجوهرية، ووضع قوانين جديدة تحمي الاتحاد من الشلل، والتفكك والاندثار، وأخرى تتعلق بحقوق الكاتب كما في بعض اتحادات العالم، وإحداث لجنة انقاد وطنية توكل إليها مهام تسيير الاتحاد وإدارة الأزمة، وتنفيس الاحتقان. اتصلت ببعض الكتاب المغاربة، بينهم رؤساء سابقون للاتحاد، أسأل عن الموقف من الحركة الإصلاحية، وواقع الاتحاد.. وأكدوا جميعا موقفهم الداعم لحركة غايتها الإصلاح...